اسكريبت لست وحدك كامل بقلم الكاتبه ميمي عوالي

لمحة نيوز

الجزء الاول 
كانت تسير وراءه اينما يذهب بتركيز شديد مع كل لفتة من لفتاته دون كلل او ملل دون تدخل منها فى اى فعل له الا اذا اقتضى الامر ذلك لسلامته البحتة
و لكنها اليوم على غير العادة متعبة .. شاردة الذهن يرتسم الارهاق جليا على وجهها ناهيك عن قطرات العرق التى تنضح من جبينها و وجنتيها المكفهرة بسبب ارتفاع درجة الحرارة و عندما احست باحتياجها الشديد لأخذ قسط و لو بسيط من الراحة .. نظرت له بتوسل قائلة باعياء زياد .. ممكن نقعد شوية
لينظر إليها زياد بتشتت قد يبدو للاخرين دون اهتمام و لكنها اعادت جملتها مرة اخرى و هى تمسك بكف يده الصغيرة بضغطة خفيفة من يدها جعلته ينظر اليها بتركيز و ترك نفسه ليدها التى سحبته بروية حتى اجلسته بجوارها على الاريكة و ناولته كرة مطاطية صغيرة يحب الامساك بها بين يديه و ضغطت على مشغل التلفاز ليطل عليهم احد افلام الكارتون الذى جذب انتباه زياد مما جعلها تحمد الله فها هى اخيرا ستستطيع التقاط انفاسها
صابرين و ياله من اسم نالت صاحبته كفايتها منه فقد صبرت بعد الصبر .. صبر حتى بات لديها رصيدا متفاقما من الصبر الهالك
فهى الصابرة المنبوذة لذنب لم ترتكبه يداها فقد كانت مثلها مثل الكثيرات من الفتيات خريجات الجامعة المقبلات على الحياة بصدر رحب و عند تخرجها من كلية العلوم .. سعت للعمل فى كثير من الشركات و لكن الحظ لم يكن حليفها لتترك فكرة العمل و تتخلى عنها تماما حين تقدم لها مجدى و هو احد شباب الحى القاطنة به لخطبتها و كان يعتبره الكثيرين زوج مناسب لها و بعد زواج مجدى و صابرين .. رزقهم الله بزياد .. و كم كانت فرحة الجميع به و لكن فرحتهم تلك انقلبت لحزن و قلق بعد شهور قليلة بعد ان لاحظت صابرين على وليدها بعض ردود الافعال الغير طبيعية
فقد تأخر فى النطق تاخر فى الاستجابة بل انه لا يستجيب على الاطلاق سوى لها .. لها و فقط
لتنقلب المرآة و تعطيها الجزء الاسود منها فقط فقد تحملت مسئوليته بالكامل بعد ان تخلى عنها الجميع بلا استثناء بعد ان تيقنوا ان زياد ممن يطلقون عليهم من ذوى الهمم فقد شخصت حالته على انه مصاب بالتوحد الجزئى و الذى يحتاج الى مجهود شاق فى الرعاية و التواصل حتى يتمكنوا من الاخذ بيده و السيطرة على نشاطه الغير محدود فهو مصاب بفرط الحركة مثله مثل الكثير ممن يعانون من تلك المتلازمة
فابتعد اخوة مجدى باطفالهم خوفا على اطفالهم من زياد نظرا لحالات التشنج التى يصاب بها فى بعض الأحيان
و ابتعد اخوة

صابرين لنفس ذات السبب عدا سلوى و هى الاخت الكبرى لصابرين و التى توفى عنها زوجها فى حادث مرورى و لم يرزقها الله بنعمة الاطفال فكانت من وقت لأخر تحاول ود صابرين و مساعدتها فى رعاية زياد
و كانت صابرين تعمل فى صمت و لم تحاول الاعتراض عندما صارحها زوجها بعدم رغبته فى الانجاب مرة اخرى خوفا من ان تتكرر مأساة ولدهم للمرة الثانية فرضخت لامره و لم تعترض فكان يكفيها و بشدة المجهود المبذول مع ولدها الذى كان يبكى قلبها قبل عينيها على حالته حتى وصل زياد للسن المدرسى و استطاعت صابرين الحاقه بالمدرسة منذ عامين و بعد ان رفضت و بشدة الحاقه بالمدارس المختصة بتلك الحالات استطاعت الحصول على موافقة بالحاقه بمدرسة حكومية وجدت فيها بعض الدعم من بعض العاملين بها و وجدت كثيرا من التنمر و الضيق من الغالبية الاخرى ولكنها لم تبالى و اصرت على الوقوف بجوار وليدها و الاخذ بيده .. خاصة بعد ان رات بصيصا من الامل على يد متابعته النفسية و السلوكية دعاء و التى تقطن بنفس شارعهم حين قالت لها ذات يوم اسمعى يا مدام صابرين .. انا عارفة ان الدنيا مش سهلة ابدا و ان الموضوع محتاج منك صبر و مجهود بس صدقينى لو صبرنا و مشينا صح .. ان شاء الله هنلاقى نتيجة مبهرة و انا مش هسيبك ابدا هفضل معاكى للاخر طول مانا شايفاكى بتحاولى معايا و بتساعدينى و مالكيش دعوة بالمصاريف و لا الفلوس و يا ستى احنا جيران و الجيران لبعضها يعنى جلسات زياد كلها يا عندك يا عندى و ماتشيليش هم حاجة
و من وقتها و تضاعف المجهود البدنى و النفسى و لكنها لا تشكو لغير الله حتى صباح هذا اليوم .. السبت و هو اجازة لمجدى من عمله ككل العاملين بالدولة و التى تنتظرها صابرين كل اسبوع بفارغ الصبر لمحاولة اتمام ما لا تستطيع الاهتمام به من اشغال المنزل لسيطرة زياد على جل وقتها و كان ككل يوم سبت حتى العاشرة صباحا عندما كانت صابرين تعد الافطار لزوجها و ابنها حين سمعت مجدى يناديها بغضب قائلا انتى يا صابرين هو مافيش فايدة ابدا كل اما اشيل حاجة الاقيها متشالة من مكانها
لتهرول صابرين الى مكان زوجها و هى تقول بانزعاج فى ايه بس يا مجدى .. ايه اللى حصل
مجدى بغضب اللى حصل انك ست مهملة
صابرين بصدمة انا يا مجدى .. ليه .. اهملت فى ايه
مجدى و هو يشير بحدة اتجاه زياد اتفضلى شوفى المحروس ابنك اللى انتى سايباه يبهدل الدنيا ده عمل ايه
فالتفتت الى زياد الذى كان يدور فى حلقات دائرية و هو يمسك باحدى يديه صورة فوتوغرافية لمنظر
من الطبيعة يحب دائما مشاهدته و يوجد على الارض عدة مجلات كان يقلب بأوراقها حين تركته صابرين لاعداد الافطار فقالت صابرين بعدم فهم ماله .. عمل ايه
مجدى بحدة انتى مش شايفة البهدلة اللى مبهدلها و المجلات دى .. انا مش لمتها امبارح و قلتلك انى عاوزها بتديهاله تانى ليه
صابرين بتنهيدة انت عارف انه بيحب يتفرج عليها و برجع المها تانى
مجدى بغضب بس انا قلت انى عاوزها
صابرين و هى تمسح على وجهها بصبر ماشى يا مجدى شوف انهى واحدة عاوزها و خدها و شيلها جوة فى ضلفتك و سيبله الباقى
مجدى باعتراض بس انا بقى عاوزهم كلهم
صابرين و هى تحاول الحفاظ على البقية الباقية من هدوء اعصابها طب ممكن تسيبهمله دلوقتى على ما ابقى اجيبله غيرهم
مجدى بعند لا
صابرين طب ممكن تفهمنى انت عاوزهم ليه دى كلها طبعات قديمة .. اجدد واحدة فيهم من سنتين
مجدى بصلف انا حر .. انتى هتحاسبينى مش كفاية صابر عليكم و على قرفكم السنين دى كلها واحد غيرى كان رماكم وراح اتجوز واحدة عدلة و خلف عيل و اللا اتنين يفتحوا نفسه على الدنيا
لتقف صابرين يعتريها الوجوم المقرون بالصدمة و هى تنظر الى مجدى تارة و الى زياد الذى انزوى على نفسه و اخذ يحرك جسده فى رتم منتظم الى الامام تارة و الى الخلف تارة لتترك كل شئ فجأة و تتجه الى صغيرها و تجلس الى جواره و تمد احدى يديها ضامة اياه الى صدرها بحنان و هى تقول بصوت منتظم و واضح ماما معاك .. ماما جنبك يا زياد .. ماما مش هتسيبك أبدا لينظر إليها زياد و يمد يده اليها بالصورة التى كانت بين يديه و هى ممزقة الى نصفين فتاخذها منه و هى تسحبه معها لينهض على قدميه و قالت له تعالى مع ماما تلزفهالك ماتزعلش
و اخذت صغيرها معها حتى اصلحت له الصورة و عاد بها مرة اخرى الى مكانه كل ذلك تحت نظرات مجدى الجامدة و فى طريق عودتها الى المطبخ مرة اخرى لاكمال اعداد الافطار وقفت امام مجدى و قالت بجمود انا مش مهملة يا مجدى لكن لو انت حاسس اننا بقينا عبء عليك للدرجة دى و شايف لك شوفة تانية .. فبراحتك بس من غير تلاكيك على كلام تافه و مامنوش لزوم واللى يخلص ذمتك من ربنا اعمله بس من غير ما تغلط لا فيا و لا فى ضناك يا مجدى
و تركته و عادت لاكمال ماقد بدأته و بعد ان وضعت الطعام على المائدة قالت بصوت واضح الفطار جاهز ثم ذهبت باتجاه زياد و بيديها بعض الشطائر التى جهزتها لاجله .. ثم جلست الى جواره و هى تساعده فى تناول طعامه فى هدوء لتجد مجدى قد ارتدى ملابسه و فى طريقه الى الخروج
و بيده حقيبة صغيرة كان يستخدمها عند سفره و المبيت خارجا
و من وقتها و هى تحاول ابعاد شبح التفكير عن مخيلتها و تعمدت انهاك نفسها مع زياد الى اقصى درجة ولكن فى النهاية عندما استبد بها التعب و طلبت اخذ هدنة من الراحة وجدت عقلها يستعيد كل ما حدث بلحظة واحدة لتنتبه على صغيرها و هو يستند برأسه على كتفيها و يذهب فى غفوة من النوم لتقوم بحمله و وضعه على الاريكة فهى مكان غفوته المفضل
فنظرت اليه بحزن صامت و وجدته هو الاخر يبادلها بنظرة جافة لا حياة فيها ثم تركها و ذهب 
و لم تجد امامها غير دعاء التى اصبحت ملاذها الوحيد فقامت بمهاتفتها و طلبت منها المشورة بعد ان قصت عليها ما حدث و لم تعلق دعاء سوى بجملة واحدة اقفلى .. انا جايالك
و عندما جلست دعاء امام صابرين قالت و انتى ناوية على ايه
صابرين بانهاك مش عارفة يا دعاء .. بجد مش عارفة حساه النوبة دى غير حساه زهق بجد و قرر يهرب بجلده
دعاء باستنكار يهرب من ابنه
صابرين يهرب من الحمل التقيل اللى على اكتافنا
دعاء بس انا شايفاكى انتى اللى شايلة كل حاجة .. هو بفى شايل ايه
صابرين بحزن شايل وشوشة الناس و اولهم اهله و اهلى شايل هروب الكل مننا حتى اهالينا شايل الشفقة اللى فى عيون الناس يا دعاء شايل التنمر و التريقة اللى بنسمعها بودننا طول ما احنا ماشيين و بنعمل نفسنا ماسمعناش حاجة
دعاء بس حتى ده انتى شايلاه معاه يبقى ايه بقى
صابرين انا بس حبيت اوضح لك الصورة كاملة انتى عارفة عنى كل حاجة بحكم صحوبيتنا اللى بقالها كام سنة دلوقتى لكن ماتعرفيش عنه مجدى تعبان حساه مفتقد اخواته و مامته و باباه
دعاء باستغراب شديد و هو مامته و باباه كمان مقاطعينكم كده زى اخواته
صابرين بنبرة يشوبها الحزن و الالم باباه و مامته ثقافتهم على ادهم مش فاهمين حالة الولد و دايما متهمننا ان احنا اللى مدلعينه و مش عارفين نتعامل معاه و كانوا دايما يسمعونا كلام زى السم معظمه تريقه على حالة الولد و علينا
دعاء بتفهم لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم انا عارفة كويس نوعية الناس دى
صابرين بسخرية مهما تعرفيهم يا دعاء عمر خيالك ماهيوصلك ابدا لحقيقة اللى بيعملوه او اللى بيقولوه
دعاء طب فلنفرض ان مجدى اهله وحشوه ايه علاقة ده باللى حصل النهاردة
صابرين بحزن عميق ممكن يكون زارهم من غير ما يقوللي و ملوا راسه من ناحيتى انا و زياد
دعاء و بعدين
صابرين الكلام اللى قاله النهاردة معناه انه ممكن يتجوز
دعاء مش للدرجة دى يا صابرين
صابرين
لا للدرجة دى و اكتر كمان مجدى بقاله فترة متغير
تم نسخ الرابط